كارثة إنسانية في أوكرانيا

كارثة إنسانية في أوكرانيا
كارثة إنسانية في أوكرانيا
كتب: مهند حيمور
كارثة إنسانية تتكشف الآن في أوكرانيا كما هو الحال في كل الحروب وهي مشاهد مألوفة جداً في الوطن العربي. نحن العرب لدينا خبرة طويلة في هذا النوع من العذاب تحديداً.
أمام مشاهد الموت والدمار والنزوح، أرى يومياً فيضان من النكات عبر وسائل التواصل وجروبات الواتساب عن نساء أوكرانيا. العقل العربي الجمعي الذكوري (وليس كل الرجال العرب طبعاً) مشغول بالتهكم، والتنكيت عن تعلّم عبارات الغزل والترحاب باللغة الأوكرانية مُرفقة بصور حسناوات يُفترض أنها لأوكرانيات، ومع التذكير بأن الشرع حلل أربعة. وبما أن الرجل العربي يحمل قلباً حنوناً شجاعاً مليء بالشهامة وحب الخير، فهو جاهز دوماً لهذه المهمة الإنسانية النبيلة! فضلاً عن توفّر فحولة فائضة بترفع الراس ما شالله.

لهؤلاء أقول، حاول أن تتخيل المشهد لكن بالعكس. نساء من دولة عربية يتشردون بسبب الحروب – وما أكثرهم فعلاً – فيُرحّب بهم رجال دولة أخرى وينشروا صورهم ويتغنوا بالجمال العربي بكافة مواصفاته المتنوعة ويعلنوا عن إستعدادهم التام لإستقبالهم. عندها طبعاً ستقوم الدنيا ولا تقعد وسينتفض ذكور العرب دفاعاً عن العرض والشرف. وسيبدأ الصراخ والعويل عن المؤامرات المرسومة لتدمير الدين والعقيدة والعروبة الخ الخ الخ
ليس في هذه النكات ما يثير الضحك. بل إنها مثيرة للقرف والإشمئزاز والسكوت عليها هو مساهمة في تعزيز ظاهرة مخزية في مجتمعاتنا العربية وهي ظاهرة التهكم والسخرية في كل شيء، حتى في مسائل الحروب والقتل والدمار والتشرد. المجتمع الذي تنتشر فيه هذه الظاهرة هو مجتمع مهزوم، مُنكسِر، مُنتهي، ذليل، يترقب حدثاً ما حتى يُسلّي نفسه وينسى مصائبه وفشله من خلال التهكم على مصائب الآخرين والتلذذ بها.