قراءة في غلاف رواية “أعشقني” للروائية د سناء الشعلان

قراءة في غلاف رواية “أعشقني” للروائية د سناء الشعلان
قراءة في غلاف رواية “أعشقني” للروائية د سناء الشعلان
عبدالإله بنهدار : جامعة محمد الخامس/ الرباط/ المغرب
(عمان – آشور ).. إذا كان الشعر هو ديوان العرب قديما فإن الرواية اليوم تبوأت مكانته وأصبحت هي ديوان العرب في الوقت الراهن، شاهدة على حياتهم وتجاربهم الفكرية والاجتماعية الحديثة والتحديثية أيضا، وإذا كانت الرواية في القرنين 18 و 19 وفي الغرب تحديدا قد استطاعت أن تعثر لها على أبوتها ومشروعيتها في مدارس فلسفية معينة أمدتها وأطرتها بنظريات اضاءت لها الطريق ومدتها بتأويلات مختلفة ، نجد الرواية العربية على عكس ذلك نشأت في شرط تاريخي مختلف، بعيدة عن العلوم الحديثة وتكاملها، مما جعلها تنمو وتترعرع خارج النظرية، وتعبر عن مسارها الذاتي/ الخاص وعن أسئلتها الخاصة والمحرقة وعن تطورها المتلاحق بعيدا عن فلسفات جمالية تؤطرها. [1]
من جهة أخرى إذا اعتبرنا قصيدة نازك الملائكة “غسلا للعار” قد حققت في المجال الشعري ثورة على هذا الفكر العروبي الذكوري فإنه يحق لنا القول أن نعتبر رواية “أعشقني” ثورة ناعمة على هذا الفكر الذكوري العروبي أيضا، هذا الفكر المتغطرس الذي يسمح لنفسه بأن يجهر ويبوح بما يشعر به اتجاه الجنس الآخر، هذا الجنس أو النوع (الجندر) النسائي أو النسوي يحرمُ عليه ما يحلُّ لنقيضه.
حين نغوص في متن هذه الرواية نلاحظ بأن كاتبتها ومبدعتها تغوص في أعماق المرأة الشرقية (العاشقة) لتعبر بشكل رومانسي فاضح عن كل ما يجيش في صدرها اتجاه الرجل (المعشوق) في زمن أضحى فيه العشق آليا وليس إنسانيا، لتبقى تيمة العشق هي المهيمنة على رواية “أعشقني” في كل فصولها الخمس أو أبعادها الخمس.
1 ـــ عنوان رئيس ” أعشقني” .
يتكون العنوان من فعل (أعشقُ) الذي يدل على المضارعة وهي تحيل بدورها على الزمن الحاضر والمستقبل وفاعل هذا الفعل ضمير المتكلم “أنا العاشقُ” الذي هو الكاتبة أو الذات المبدعة، وهذا لا يعني أننا أمام سيرة ذاتية، فبالرغم من ورود صورة الكاتبة والتي سنفرد لها قراءة خاصة في هذا التحليل ترد أيضا ياء المتكلم كاسم يعود على صاحبه أي على فاعل فعل (أعشقُ) وتفصل بينهما نونٌ تُسمى في النحو العربي بنون الوقاية، وهذه النون بمثابة جسر بين الفعل المضارع الدال على المتكلم وياء المتكلم التي هي ضمير/ مفعول به . والعشق في اللغة هو : الاغرام بالنساء ، وهو العَشَقُ أيضا[2]
فالعاشقُ والمعشوقُ واحد، وفِعل العشق هو مرتبة من مراتب الحبّ الذي نجد له في اللغة العربية ما يزيد عن ستين اسما، ويُعتبر العشق في قواميس اللغة العربية سيد كل أسماء الحبّ ومعناه : الفرط والإفراط في الحب، وإعجاب المحب بالمحبوب سواء في حالة العفة أم في حالة الفجور. كما أن العشق يتولدُ وينمو في القلب، وكلما قويَ ازداد صاحبه تماديا فيه.
في ثقافتنا العربية وفي الشعر العربي بصفة أخص والذي هو ديوان العرب، نجد أن فعل العشق والتصريح به علانية يكون من الرجل اتجاه المرأة، وناذرا ما قرأنا لعاشقات عربيات تتغزلن في الرجال، إلا أن رواية أعشقني[3]
قلبتْ الموازين ومنحتنا ثورة فكرية وإبداعية تسير في الاتجاه المعاكس ضدا على ثقافتنا التي علَّمتنا وتعلمنا في مدارسها أنَّ البوحَ بالعشق والافتخارَ به لا يكون إلا من الرجل الذي يبقى فعل الحبِّ والعشق والهوى محصورا فيه وعليه . لأن ذلك مرتبط بالشرف، شرف القبيلة طبعا.

2 ـــ صورة الغلاف كدليل أيقوني/Signe iconique
عملنا في السطور السابقة على إلقاء الضوء على بنية العنوان تركيبيا، ونجد أنه من اللازبِ التنبيه على أن هذه البنية تلتقي وتتكافل مع صورة الغلاف التي تشكل نصا مختصرا إن لم نقل شاملا لعموم الرواية، ذلك أن صورة الغلاف مركبة من لقطة أو مشهد واحد تم اختياره وتوليفه بلمسة فنية وبعين احترافية عملت بكل بارعة تقنية ومهْنية على الصورة وهي في غرفة المونتاج كي يتم إخراجها بطريقة مهنية واحترافية أيضا. [4]
إن الصورة المبثوثة على الغلاف تحتل الحيز الأكبر على مساحة الغلاف برمته وهي صورة الكاتبة نفسها (د سناء الالشعلان) والتي تقول : ” دائما أضع صورتي، ليس لأنها جميلة وليس لأنها قبيحة، وليس لهدف استعراضي بأي شكل، أريد منها أن يعرفني القارئ “.[5]

صراحةً، لا سؤال الصحفي أشفى غليلنا كقراء لهذه الرواية ولا جواب كاتبتها كذلك، لكننا نُسَطَرُ على قول الكاتبة وليس لهدف استعراضي، هذا الجواب وحده كاف على أن الصورة تعتبر عتبة من عتبات الولوج إلى المتن المحكي بين دفتي رواية أعشقني.
ومعلوم أن الصورة في عالمنا العربي لازالت في حاجة إلى الدّرس والتحليل سواء في المدارس والمعاهد أم في الجامعات العربية، فلا يزال الذوق العربي العام قاصرا ــ إن لم يكن متخلفاــ في تعامله مع الصورة كنص وكخطاب فني وثقافي وفكري، لنتأمل الصُّور التي درسناها ونُدرسها لتلاميذنا وتلميذاتنا في المدارس وفي المقررات الدراسية من الروض مرورا بالابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي التأهيلي، نجدها صورا وُضعتْ في الغالب لتزيين النص الملفوظ المرافق لما هو محكي ومكتوب، في حين أن الصورة يجب أن يُنظرَ إليها كنص قائم الذات وهي في حاجة إلى تحليل وتفكيك، وهذا ما نصبو إليه في هذه الدراسة من خلال غلاف رواية ” أعشقني” .