فيلم القصاص ، والتخفي وراء ظاهرة الارهاب

فيلم القصاص ، والتخفي وراء ظاهرة الارهاب
فيلم القصاص ، والتخفي وراء ظاهرة الارهاب…عرض صباح محسن
(آشور)..تقرب المخرج الاسباني داني دي لا توري في فيلمه القصاص Retrbution التقرب لظاهرة الارهاب التي تضرب العالم وبقوة ، وبحذر ، وقد يكون حذره له علاقة بما تراه السلطات الاسبانية بالابتعاد وبشكل مباشر عن مناقشة حالة الارهاب بقصدية ، خاصة بعد انسحابها بالفعل من ارض العراق وبعد مشاركتها فعليا في الحرب هنا ، والحيطة كما هو معروف ، ان تتجاوز الاحالة ، والصاقها بالفعل الذي تنتجه بعض السوكيات البشرية ، والمرتبطة ، بالطمع ، والخيانة ، وحب المال ، والسرقة ، والاحتيال ، الى ما ذلك من توصيفات ، تضع الانسان امام مأزق اختياراته .
لكن الامر واضح ومعلن ، في الطريقة التي تناول من خلالها المخرج لاتوري احداث الفيلم ، وثيمته الرئيسية ، حيث حدد اهدافه عبر سيناريو اشترك في رسمه ووضع الخطوط الرئيسة له ، والموضوعيتعلق باحد موظفي احد البنوك ، وهو يشغل مدير قسم فيه ، وتعاملاته مع الكثير من مرتادي هذا البنك ، والتعاملات الحقيقية والمريبة التي تجري فيه ، ليخفق في احدى تعاملاته مع احد مرتادي البنك الذي يعمل فيه ، لتتصاعد الاحداث وتتمدد دون علم عائلة موظف البنك ، خاصة وانه يحضى باحترام ولديه ، مع مشامل غير ظاهرة مع زوجته ، خاصة وانها تذهب بعلاقة مع احد اصدقائه ، لعدم رغبتها التواصل معه ! وهذه الامور تحدث غالبا في تلك المجتمعات جراء عدم التواصل من نواحي عدة ؟ ليكون هناك شرخ تقليدي ، لكنه يدفع للخيانة ! .. تحدث بعد تلك التعاملات البنكية الى ان يخفق صاحبنا مع ذاك الزبون لتنفجر الاحداث بعد فترة وجيزة ، وذلك لتعرض الزبون لخسائر يدفع ثمنها غاليا ، حين تهجره عائلتة وينسحب ابناءه منه ، خاصة وانه افلس وبشكل يدفعه للانتقام ، ولكن بأي طريقة ، واعتقد هنا يجب ان نتوقف ، لفهم مسببات ذلك التطور المتاعد والذي يدفع احد المتعاملين مع احج البنوك لينتقم وبطريق قريبة لما يقوم به عناصر داعش او اي ارهابي يفكر في الانتقام !!
ان الامر ، وهذا ماجاء على لسان احد رجال الشرطة ، وهو يحاور موظف المصرف والمحجوز في سيارة ملغومة مع ولديه فتاة في الخامسة عشر من عمرها وفتى في التاسعة من عمره ومصاب في فخذه الايمن جراء تفجير سيارة اخرى بالقرب من سيارتهم وتسلل احدى الشظايا لتصيب فخذ الفتى بعد ان خرقت جهة الباب من جهة السائق والذي هو والده ، وكان تفجير السيارة الاولى تاكيد لنية عميل البنك لما اكد عليه ، وكان في السيارة التي تم تفجيرها احد اصدقاء موظف البنك ،
برع الممثل جيفير خواتيريز في تقمص رب عائلة وموظف بنك مرتشي ، مع اظهار الانفعال والارتباك ، على وجهه ، خاصة ان نصف مشاهد الفيلم تمت في سيارة صالون شخصية ، ليعتمد المخرج عدة زوايا للتصوير في آنواحد ، خاصة وجود حالة من الرعب والترقب والشعور بالموت في اية لحظة ، كل هذا يحدث لارتباط والدهم بجهاز موبايل له علاقة بعميل البنك المنكوب ، وهو يقوم باعطاء المعلومات لوالدهم ، عن تسيير وجهة السيارة وحسب مايرى لهم من ضياع الوقت لتدبر امر امواله التي استحوذ عليها والدهم جراء تعامل قديم تم مععميل البنك واتهامه لموظف البنك بالاستخواذ عليها ، وكان المبلغ الذي وشىبه لرجل الشرطة هو 168 الف يورو ، مع ان عميل البنك يصر على مبلغ 480 الف يورو ، وهنا اشكال آخر وضعنا البطل فيه بطريقة مرت حتى على ابنائه !
نجح عميل البنك بتفخيخ السيارة التي تقلهم ، وقبل ان يصعدوا اليها خلسة ، وكان التفخيخ وبحسب راي ظابطة المتفجرات بانها عمل يدوي ، خاصة بعد توقف السيارة في ساحة مزدحمة بالبنايات والناس ، وبعد ان أُبلغت الشرطة بالموضوع . لتتسارع الاحداث والمشاهد المتقنة بحرفية عالية ولقطات مفتوحة على كادر حقيقي ، من تواجد الناس وبشك حشود هائلة على الطرقات واثناء انطلاق موظف البنك باتجاه الميناء للقاء العني والذي يقوم بتسييره عبر جهاز الموبايل ، وبعد ان تم انقاذ الفتى المصاب ، وتخليص الفتاةبقوة من الالتصاق بوالدها ، ومتابعة اللحاق بالسيارة ، وكانت مشاهد رائعة تنم عن حس عالي بفكرة مطاردة سيارة ملغومة في شوارع عامة ، خاصة وان اغلب مشاهد التصوير جرت في مناطق سياحية في شمال اسبانيا . لينتهي المشهد الاخير بصعود عميل البنك مع مدير قسم الامانات في البنك سوية ، وليعترف له بتدميره ، واختياره ان يموت معه بنفس السيارة المفخخة ، كان العميل ذو ملامح شرقية واضحة ، مع ان هناك تشابة في السحنة بين الاسباني والشرقي وتحديدا العربي . ليقوم موظف البنك بالضغط على دواسة السرعة ليخترق الميناء والارتماء في البحر قرب سفينة عملاقة وتحذيرات عميل البنك بان المياه لن تكبح التفجير ، وفعلا ترتطم السيارة بمياه البحر ولتغرق ، ويحدث الانفجار بعد ان يتخلص موظف البنك من الانسلال خارج مقود السيارة لوضعه قطعة من غيار قديم على واجهة الكرسي المفخخ ، ليتم انقاذه في اللحظات الاخيرة .
هذه الثيمة تكررت في عدة افلام مخصصة للحركة والمغامرة ، وكثير منها اخذ طابعا تجاريا ، او اقرب الى التسلية ، لكن هذا الفيلم تجاوز تلك الطروحات ، وتقرب لفكرة الارهاب وبشكل مثير ، حتى ان المتلقي وعلى ما اعتقد لم يكن باستطاعته ان يتسلل خارج احداث الفيلم او لاينتبه لما يحري ، لان الفيلم محبوك وبطريقة فذة ، ناهيك عن التمثيل البارع ل اليس توسار ، وكوتا توليدو ، مع الممثل البطل جيفير خواتيريز .
في العودة على موضوعة الارهاب وتعامل المخرج مع الاحداث وبشكل جنائي ، سلوكي ، دافعه الانتقام من رجل خسر امواله عبر تعامل مرتبك مع موظف بنك غير متوازن ، وكل النتائج تشير الى اعتداد عميل البنك بنفسه وبوادر شخصيته القوية ، اذ من غير المعقول ان ينقلب ولخسارة مادية ليست ذات ش٦ن بحساب خسارات الكثيرين الملايين ، لكنهم لم يندفعوا لممارسة كالتي قام بها عميل البنك ، وبقراءة بسيطة وواقعية ارى ان هيمنة ظاهرة الارهاب على اغلبية المجتمعات والدول قد احال بعض الاحجاث في الفن خصوصا الى اشتغالات ترشر على بشاعة الارهاب وقوة تاثيره على تفكير الناس ، وهذا الفيلم يبحث في الجانب النفسي والاخلاقي والذي اصاب الناس في عمق تفكيرهم ، وصار التعامل مع المشاكل المستعصية ، بطريقة ارهابية مقيتة ، وسيكون علينا ان لانتفاجأ في ولوج فنون اخرى تلك الظاهرة لتكون ثيمتها الرئيسية…الم يكن الارهاب شاغل الدنيا ، وموضوعها الرئيس ..!!