«صحتك» في زيوت السمك

«صحتك» في زيوت السمك
(آشور) صلاح الحسني ..«الأسماك الداهنة أو الزيتية» تعتبر المصدر الأساسي لزيت السمك، ومنها سمك التونة، والسلمون المرقط، وسمك الماعز، والرنجة، والساردين، وتحتوي لحوم الأسماك الداهنة على 30% من الزيت، ولكن تختلف هذه النسبة من نوع لآخر. وبالإضافة إلى أحماض أوميجا 3 الدهنية، تعتبر الأسماك الزيتية مصدراً جيداً لفيتامينات A وD.
ويحتوي كبد السمك الأبيض على زيت السمك بنسبة كبيرة، ولكن تقل هذه النسبة كثيراً في لحمه، كما يحتوي على تركيز أقل من فيتامينات A و D. ويوصي خبراء التغذية بتناول الأسماك الزيتية لاحتوائها على فوائد صحية أكثر من نظيرتها البيضاء، بيد أن هذه التوصيات لم يتم إثباتها بشكل كافٍ في الدراسات الإكلنيكية.
تنصح الجمعيات الصحية حول العالم بتناول كميات كافية من الأسماك الزيتية، أو تناول المكمّلات الغذائية التي تحتوي على زيت السمك لفوائدها الصحية المعروفة. ويخلط بعض الأشخاص بين زيت السمك، وزيت كبد الحوت، ولكن هناك فرق بينهما، فزيوت السمك تستخلص من أنسجة الأسماك التي تعيش في أعماق البحار مثل سمك التونة، والسلمون المرقط، وسمك الماعز، والرنجة، والساردين، أما زيت كبد الحوت فيستخلص من كبد سمك القد (من فصيلة الحوت). وتحتوي الأسماك الدهنية على تركيز أكبر من أوميجا 3، وكميات أقل من فيتامين A و D مقارنة بزيت كبد الحوت.
الفوائد الصحية
وتحتوي أحماض أوميجا 3 الدهنية على العديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك تأثيرها الإيجابي على القلب والأوعية الدموية، فضلاً عن تأثيره الإيجابي الفاعل في خفض معدلات الإصابة بأمراض القلب، وهو الأمر الذي يبدو واضحاً في اليابان على وجه الخصوص، لأن نسبة السكان يستهلكون كميات كبيرة من زيوت الأسماك، مقارنة مع النظام الغذائي الفقير من الأوميجا 3 في أمريكا الشمالية، ما يبرر ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب فيها بشكل ملحوظ.
«أوميجا 3 الدهني»
هي نوع من الدهون التي عادة ما توجد في النباتات والكائنات البحرية، ويتوفر نوعان منها في الأسماك الدهنية، أولاً الحمض الدهني Eicosapentaenoic acid (EPA) الذي يكون تركيزه كبيراً في الأسماك الدهنية، فعندما يتحدث الناس عن أوميجا 3، فإنهم غالباً ما يقصدون EPA، حيث يعتبر بادئة للمواد الكيميائية المشاركة في تخثّر الدم والالتهاب مثل (البروستاجلاندين3، ثرمبوكسين 2، ليوكوترين5)، والمدهش أن الأسماك الزيتية لا تنتج هذا الحمض الدهني، ولكنها تحصل عليه من الطحالب التي تأكلها. أما النوع الآخر فهو DHA (docosahexaenoic acid، الذي يمثل مكوناً رئيسياً لشبكية عين الإنسان، والحيوانات المنوية وقشرة الدماغ.
وأجريت العديد من الأبحاث على زيت السمك خلال السنوات 10 الماضية، وجاءت النتائج متضاربة بين داعمة لفوائده الصحية، وغير داعمة. يقال إن زيوت السمك تساعد المصابين بمرض التصلب المتعدد، إلا أن دراسة أجريت بواسطة باحثين من مستشفى بيرغن الجامعي أظهرت أن أوميجا 3 لا يفيد مرضى التصلب المتعدد. كما أظهرت دراسة أن تناول زيت السمك، إلى جانب حمية قليلة الدهون قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان البروستات. ومن جانب آخر أثبتت دراسة نشرت في مجلة المعهد القومي للسرطان، أن الإكثار من تناول زيوت الأسماك يزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات بنسبة 70%.
قد يساعد تناول زيت السمك خلال فترة الحمل في الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة، حيث يقول د. ميشيل برايس، عميد كلية كونيكتيكت للتمريض، إن استهلاك أوميجا 3 من النوع DHA من مصادره الطبيعية خلال فترة الحمل، يقلل أعراض الاكتئاب التي تتبع فترة الولادة. كما أظهرت دراسة تجريبية في 2007 أن زيوت الأسماك قد تساعد الأطفال الذين يعانون اضطرابات نقص الانتباه، وفرط الحركة، حيث استمرت الدراسة لمدة ثمانية أسابيع، وخلصت إلى أن الأطفال الذين تناولوا ما بين 8 ـ 16 جراماً، من أحماض أوميجا 3 الدهنية يومياً أظهروا تحسناً ملحوظاً في السلوك.
وفي دراسة علمية أخرى أكد باحثون أن تناول أوميجا 3 يساعد على تحسين الذاكرة لدى الشباب الأصحاء، أما بالنسبة لكبار السن فإنها أقل تأثيراً، حيث أشارت دراسة أجراها باحثون في جامعة «إيوا» أن زيوت السمك غير مفيدة في حالة التدهور المعرفي لدى كبار السن من النساء. وكشفت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية لعلم وظائف الأعضاء، أن تناول مكمّلات غذائية تحتوي على زيت السمك لمدة شهر أو أكثر، يؤدي إلى تحسن في وظائف القلب والأوعية الدموية، خلال الاختبارات المجهدة للعقل.
كما أكد عدد من الدراسات أن تناول زيت السمك بانتظام قد يقي من الإصابة بمرض الزهايمر، كما أثبتت دراسة نشرت في «علم الأعصاب» أن النظام الغذائي الغني بالأسماك والخضر والفاكهة، يقلل من خطر الإصابة بالزهايمر، وتدهور الوظائف العقلية (الخرف). وعلى النقيض من ذلك كشفت دراسة أجريت عام 2010 أن زيت السمك لم يكن أفضل من العلاج الوهمي في الوقاية من الزهايمر. وأفاد باحثون كنديون في المجلة الاستقصائية لطب العيون والعلوم البصرية، أن الاستهلاك الغذائي الكافي من أوميجا 3 من النوع DHA يقي من تدهور البصر المرتبط بالعمر.
وأوضحت دراسة نشرت في مجلة علم الأعصاب وجراحة الأعصاب والطب النفسي، أن تناول جرعات منخفضة من أوميجا 3 يومياً، يقلل من نوبات الصرع لدى الأشخاص المصابين بالمرض. وقال فريق أبحاث من كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، إن نتائج الأبحاث التي أجروها تدعم فائدة أوميجا 3 لمرضى الصرع، الذين لم يستجيبوا للعلاج الدوائي. وفي دراسة أخرى تعتبر الأولى من نوعها، قال باحثون إن أحماض أوميجا 3 الدهنية قد تقلل من خطر الإصابة بالذهان. و أثبتت دراسة أجريت عام 2008 أن استهلاك الأمهات لأوميجا 3 خلال الأشهر 3 الأخيرة من الحمل، تحسن وظائف الطفل الحسية والمعرفية والحركية.
صحة القلب والأوعية
ويعتقد كثير من الناس أن تناول زيوت أوميجا 3 يمكن أن يحسن صحة القلب، لكن هناك بعض الدراسات التي خلصت إلى نتائج متضاربة، ففي بحث قام به باحثون من جامعة ميشيغان التكنولوجية، عام 2011، ثبت أن تناول زيت السمك يمكن أن يحسن جريان الدم في الأوعية الدموية عن طريق الحد من مستويات الدهون الثلاثية، وتثبيط نمو لويحات تصلب الشرايين. من ناحية أخرى أظهرت عشرون دراسة شملت ما يقارب سبعين ألف مشارك، أنه لا توجد أدلة دامغة على أن زيت السمك يقلل من خطر الإصابة بالأزمة القلبية، أو السكتة الدماغية، أو الوفاة المبكرة. وخلصت أبحاث أخرى إلى أن المرضى الذين لديهم دعامات في شرايين القلب ويتناولون نوعين أو أكثر من مضادات التخثر، إلى جانب أوميجا 3، يقل لديهم خطر الإصابة بالأزمات القلبية، مقارنة مع نظرائهم الذين لا يتناولون هذه المكمّلات.
المصادر الغنية بالحمض
ويعتبر الباذنجان، وبذور الكتان، والجوز، وبذور الشيا، وبذور الفجل، والريحان الطازج، والخضروات الداكنة اللون، مثل السبانخ، والطرخون المجفف، والبيض، من المصادر الغنية بالحمض. ومن دون اتباع نظام غذائي سليم، فإن النباتيين أكثر عرضة لنقص حمض أوميجا 3، مقارنة بنظرائهم الذين يتناولون البروتينات الحيوانية. وعلى الرغم من ذلك يمكن للنباتيين الحصول على أوميجا 3 من مصادرها النباتية و المكملات الغذائية. وتعتبر زيوت بذور الكتان وبذور الفجل، مصدراً غنياً بأوميجا 3، في حين تحتوي زيوت فول الصويا، والجوز أيضاً على كميات مناسبة منه.
أمراض القلب في اليابان
واجتمع باحثون من كلية الدراسات العليا للصحة العامة بجامعة «بتسبيرغ» للبحث عن سبب انخفاض معدلات أمراض القلب باليابان، مقارنة بأمريكا، وكندا، وأوروبا الغربية، وإستراليا، وأفادوا بأن استهلاك الأسماك الغنية بأوميجا 3 في اليابان، أعلى بكثير من البلدان الأخرى. ويعتقد الباحثون أن هذا هو العامل الرئيسي لانخفاض معدل أمراض القلب في اليابان، مقارنة بتلك المناطق الأخرى. كما أوضح العلماء أن هذا الفرق لا يمكن تفسيره بالعوامل الوراثية، حيث إن الجيل الثالث والرابع من اليابانيين الأمريكيين، معرضون للإصابة بتصلب الشرايين بنفس معدل الأمريكيين الأصليين. وقال أحد القائمين على الدراسة إن البحث يشير إلى تناول كميات كبيرة من الأحماض الدهنية، ذات الخصائص القوية، التي تساعد على منع تراكم الكوليسترول في الشرايين، ويوصى حالياً بتناول الأسماك مرتين أسبوعياً للأشخاص الأصحاء بالولايات المتحدة. ومن الجدير بالذكر أن متوسط استهلاك الفرد الياباني من الأسماك يبلغ 100 جرام يومياً، بينما يتناول الأمريكيون الأسماك مرتين أسبوعياً.
النظام الغذائي في أمريكا
وأظهرت دراسة نشرت في جامعة كولومبيا، أن الأمريكيين والكنديين يتناولون الكثير من اللحوم والقليل من الأسماك، وأضاف الباحثون أن نمط الحياة في أمريكا الشمالية لا يدعم تناول كميات كافية من أوميجا 3، وأكدوا أن النساء الحوامل والمرضعات في حاجة إلى كميات أكبر من زيت السمك.(انتهى)