دروس من ( الصباح)
عبد الهادي مهودر
قبل نحو شهر كتبت ان عدم استقرار رئاسة تحرير الصباح لن يرسخ تقاليد صحفية تخدم مسيرتها وتحفظ الجريدة والعاملين فيها من احتمالات الوقوع في الخطأ والارتباك ، وماتخوفت منه كمتابع للصباح حصل .
اهل الصباح هم ادرى من غيرهم بماحصل وبلاشك ان الزملاء في ادارة وهيئة التحرير لديهم من القرائن والادلة العملية والتفصيلية والمعطيات ما لا يتوفر للاخرين من خارج الجريدة ، فهم وحدهم يملكون الحقيقة الكاملة ونحن نقرأ المشهد من الخارج فقط .
ليس معقولا ان يطلق اي متابع عن بعد حكما مسبقا او تأويلا قبل التحقيق ، وهو سياق منطقي اتمنى ان نحترمه جميعا ولانستعجل فنخطئ نحن ايضا كزملاء ومهتمين بالحدث .
الخطأ في الصحافة الورقية وارد جدا لكن تاريخ الصحافة البعيد والقريب يكشف ان الصحفي يدفع ثمن الخطأ غاليا حين يكون الظرف السياسي هو الضاغط والقاهر ولايعطي للتحقيق المحايد والمهني حرية وفرصة للتوضيح ودفع الشبهة عن الصحفيين دون تحميل الاخطاء مواقف وخيالات بعيدة .
الكثير من الكتاب لم يلمسوا ورق الجريدة بأنفسهم ويقرأوا الخبر في صفحتها الاولى الذي ينوه عن مقابلة رئيس التحرير مع رئيس هيئة النزاهة .
وردت عبارة نواب رئيس الجمهورية في الخبر ولم ترد في المقابلة المنشورة ما يؤكد ان ماحدث لايعدو كونه مجرد خطأ .
لو كانت هذه العبارة من ضمن المقابلة فلايمكن لأي صحفي ماهر تجاهلها في العناوين الرئيسية والفرعية بل هي المانشيت الابرز .
الخطأ في الصحافة يتبعه تنويه واعتذار في موقع نشر الخبر لا اكثر ولايمكن اعدام الصحيفة او الصحفي لأنه اخطأ .
لم نقرأ في تاريخ الاخطاء الصحفية حالة تعمد من صحفي وكل الاخطاء تحصل دون قصد او احيانا بسبب الااهمال والتعب او سوء في التنظيم الداخلي للواجبات وسياقات وتقاليد العمل .
ازمة الصباح كشفت انها جريدة مقروءة ولها تأثير وحضور في المشهد الاعلامي والسياسي .
لابد ان تمر الكلمات والسطور في الصباح بنظام داخلي صارم وتوزيع واضح ومحدد للمسؤوليات والواجبات لتجنب الوقوع في الخطأ من مرحلة الكتابة مرورا بجميع مراحل التصحيح والتدقيق ووصولا لقرار النشر والتوقيع الاخير .
الاخطاء في الصحف تضامنية حتى وان كان الخطأ فرديا ، ومن يعمل يخطيء والعكس صحيح .
واخيرا ليس غريبا ان تدخل الصحف في معارك صحفية وسياسية بل هذا هو العمل الصحفي وليس معيبا ان تعتذر الصحف بل هذا هو العمل الصحفي الحقيقي .
مع امنيات بأن تتجاوز الصباح محنتها العابرة بسلام .