جولة سعدونية …

جولة سعدونية …
جولة سعدونية …
كتب: صباح محسن
هاي الجولة اليوم خصصتها الشارع السعدون ، حصرا ، وكلش حلوة هاي ‘ الحصرا ‘ وما اعرف ليش اتذكرني ابسوالف سياسيينا مال تالي وكت !
بديت اتمشى من ساحة الفردوس لنهاية النفق ، وهي فرصة الواحد شوية ينشط رجليه لأن طرگاعة الكورونا نستنا المشي ؟
الشارع نفسه ، باتساعة ، وانفتاحة على چثير من الأمكنة اللي چانت مزدحمة ابناسها ، ومحبيها ، تبدي من سينما بابل اللي صارت محلات ، واتذكرت الازدحام اللي صار على شباك اليذامر من عرضوا فيلم زائر الفجر منتصف السبعينات ، ايباه شلون چان اكو اهتمام بأي فيلم يتناول سالفة سياسية ، او فضح للسلطات البوليسية ، وچانت الممثلة ماجدة الخطيب طاگه ابذيچ الايام ، ولو بعيدين طلعوا الحماعة الفيلم من عيونها. وخلوها خارج التغطية ..!
ومرورا بسينما النصر اللي إنگلب حالها وظلت بس هيكل وطوقتها المحال العجيبة والغريبة ، وحسيت وآني دا أصور اصوات الجمهور وهو يصفگ لمن اجا الممثل كمال الشناوي البغداد على مود ديسوق لفيلمه نساء الليل مع الممثلة ناهد شريف وحضر العرض الاول وآني چنت موجود وگصيت تذكرة أم الاربيعين على مود اشوف كمال الشناوي عن قرب ! وهذا الحچي بنهاية عم 1978 .
والنوب عبرت الشارع باتجاه سينما سميرا ميس ، وهاي المسافة من سينما النصر لسميرا نيس اتذكرك ابعض الشخصيات اللطيفة ، واللي ظروفها النفسية وجراء بعض الخسارات بالحياة خلتها تكون خارج السياق ، مثل لاعب السلة العملاق عبد العال واللي يلقبوه عبودي ، يقطع شارع السعدون حتى نهاية شارع الرشيد مشيا ، مرتديا معطفا عسكريا صيفا وشتاءً ، محنيا رأسه ولا يستجدي احدا ، لكن اصحاب المحال التجارية يمنحوه بعص النقود لاحترامهم لتاريخه الرياضي لانه بطل العراق بلعبة السلة ، لكن ظروفا جعلت منه متسكعا !
وبعد ان وصلت مقر سينما سميرا ميس اتذكرت حامي هدف منتخبنا الوطني ستار خلف اللي تحول الى مدمن وعاش حياة بوهيمية متعبة ، ومات بنفس المكان تحت احدى السيارات المتوقفة ! وآني وي نفسي توقعت اشوفه !! المهم توقفت يم سينما سميرا ميس وشفت اضافة للقطعة المعروفة بأسم السينما قد اضيفت لها كلمة اخري وتي مسرح وسينما سميرا ميس ، والغريب بالامر هي مغلقة وما بيها لا سينما ولا مسرح وعبالك مهجورة ، بس امو داخل الصالة فد مجموعة من الطارلات الكبيرة والطويلة مصفوفة بطريقة مال عزايم چبيرة وعلى شكل وليمة ضخمة ، بس عبالك متروكة !!
وسحبتني الذاكرة من چان المدافع والصراخ والهيجان ، وتمليخ القمصان والخنكه على شباك التذاكر من چان يعرض فيل زد ، واثناء عرض فيلم ساكو وفانزيتي واللي اثنينهن يتناولن مواضيع سياسية لشخصيات سياسية ، يونانية ، وايطالية ، وتشوف الاصطفاف مال العوائل گاطع نص شارع السعدون ، خصوصا الطلبة وچثير من اهل اليسار .
وبعدين گلت خلي اشوف سينما النجوم اشصار ابحالها ، وچان اتيّه مكانها بسبب ازدحام النلات اللي طوقتها ، وصاح عليّ شاب يشتغل عامل ابمطعم داخل مبنى السينما وگال : عليمن ادور ؟ گتله ما اعرف هذا مكان سينما النجوم لو آني متوهم ؟ رد عليّ وگال : لا ما متوهم هو هذا مكانها ! عبارة عن محلان متداخلة شي فوگ شي ! ومرت عليّ ذكريات فيلم الفراشة مال ستيف ماكوين وداستن هوفمان وفيلم ما مانديغو اللي يتحدث عن تاريخ الرق امريكيا ! وحتى فيلم الشعلة للممثل اللي يرگص ويغني ويكتل بالممثلين امي تاب !
وگلت خلي اكمل الجولة لان ما بقت شوية مسافة عن سينما اطلس اللي تعتبر من الصالات الكلش حلوة ومرتبة من بداية دخولك إلها الى ان توصل للصالة ، وحقيقي انقهرت لأن چانت كلش ضايعة من المحلات المتاجر ومحال بيع الموبايلات ، وما بقى منها غير بس هيكلها القديم ، وعانيت حتى احصل على صورة إلها ! وچنت آخر مرة شفت بيها فيلم لوليتا بنسخته الاخيرة إبسنة 1997 وچان فيلم مذهل .
واخيرا اتذكرت حانة وسن اللي چان يكعد بيها الممثل غازي التكريتي منتصف السبعينات وصاحبها ممثل ايضا ما اتذكر اسمه وچثير من الممثلين والرياضيين ، مع ان الحانة لا تتسع موائدها لاكثر من عشر طاولات ! وچان من جلاسها وروادها المزمنين الشقي التارك خليل ابو الهوب بقامته الفارعة ووجهه المخيف مرتدبا يشماغا احمر ودشداشة عريضة مع عباءة قديمة ، وحين يدخل الحانة يسلم ويلتفت صوب الممثل غازي التكريتي ويگله : شلونك عيوني شيخ ضاري ! بسبب ان الممثل غازي قد قدم شخصية الشيخ ضاري بفيلم المسألة الكبرى ! وطبعا خليل ابو الهوب يحتسي الامور مجانا ، وزوج اللي يگله على الحساب ..!
وآخر جولتي انتهت إگبال مكتبة التحرير وجارتها النهضة ، وحقيقي ما ادري ليش حسيت فد شي وگفني وخلاني أباوع عليهن من بعيد ؟ يجوز ضغط الحنين ، والمتغيرات ، وذكريات الشخوص والنماذج على اشكالها وميولها هي من وگفت زحفي لداخل المكتبتين ! واتذكرت صاحب عربانة بيع السمچ اللي گلبها على شكل مكتبة متنقلة ، وتارسها كتب كل اغلفتها حُمر ! ومن ضمنها هاي الكتب كتاب كلش چان طاگ وصار إقبال علي شراءه ولو هو صادر بالمانيا منتصف الخمسينات من القرن الماضي ! وعنوانه ‘ الثورة والثورة الجنسية ‘ واتذكر المؤلف مالته اسمه ويلهلم رايش ، واللي مكتوب على الغلاف ويلهلم رايخ ، طبعا اكيد باللفط الالماني ! والكتاب يدعو لتمكين العلاقات الجنسية في الشارع والامكنة العامة باعتبارها قوة انتاجية حتى وان كانت خارج سياق مؤسسات الانتاج ! واعتقد الاقبال عليه من الشرايّة چان بسبب تطرفه وجعل الجنس ممارسة عادية حالها حال تنظيم رجال شرطة المرور للشوارع !!
وطبعا وانت تفتر ابشارع السعدون تشعر اكو شخصيات اتصيحك وعبالك يعرفوك ! لكن السالفة مرتبطة ابتاريخ هذا الشارع والوقائع اللي مرت بيه ، والنماذج والحوادث اللي لم تزل تعشعش بالراس .
