ثلاثة ايام في محراب عرس ألشهادة بمنطقة الكرادة ألشرقية ..

ثلاثة ايام في محراب عرس ألشهادة بمنطقة الكرادة ألشرقية ..
المشهد نيوز / بغداد
تحقيق / كريم هاشم العبودي
أصبح مزارا لعموم العراقيين الشرفاء بمختلف دياناتهم وقومياتهم
ثلاثة ايام في محراب عرس ألشهادة بمنطقة الكرادة ألشرقية ..
- شباب وشابات اتموا زفاهم في جنات الخلد عند ربهم خالدون .. رحلوا كما طيور النوارس من دون وداع
- اي مصيبة تلك يا رباه، التي هزت القلوب قبل الدروب، في ذلك المساء حيث اكتظت الشوارع بسيارات الاسعاف والاشلاء المبعثرة
- يجب التعامل بقوة وحزم ، مع بعض الاصوات “الداعشية” الموجودة في جسد النظام الحالي ، والتي كانت ومازالت تنفخ بنار الفتنة الطائفية..
- سالم أيليا : جاء العيد الذي إستبدلنا فيه التهاني والأبتسامات بالتعازي والدموع والبكاء ومسلسل الارهاب الأعمى مستمر دون توقف
حميد ونبراس وفاطمة ونورس وايمان وحسين وعبير وكفاح واحمد , شباب وشابات كانوا على موعد زفافهم اول ايام العيد قبل ان يزفوا الى جنات الخلد ..
اتموا زفافهم في جنات الخلد عند ربهم خالدون .. رحلوا كما طيور النوارس من دون وداع , وها هو مذبحهم أصبح مزارا لعموم العراقيين الشرفاء بمختلف دياناتهم وقومياتهم ..
امضينا ايام العيد عند مكان رحيل الاحباب .. مكان التفجير الدموي في منطقة الكرادة لتوصل رسالة حيه الى العالم اجمع بان دم العراق واحد وان شعبه واحد وخاطبت الحكومة بان تقتص من الجناة واعدام كل الارهابيين القابعين في السجون العراقية وتعويض أسر الشهداء ومعالجة الجرحى الذين يتعذر علاجهم في العراق , ودعدت شرفاء العالم على الوقوف مع العراق الذي يقاتل داعش نيابة عن العالم في صراعه مع داعش ..
في ألبدأ تحدث الحاج فاروق الاسدي / احد وجهاء منطقة الكرادة محللا هذا ألاسلوب الدموي الجديد من التفجير الذي تعرضت له الكرادة والذي اودى بحياة المئات من الابرياء , فقال : التفجيرات التي تعرض لها العراق منذ سقوط الصنم والى اليوم مختلفة الاسلوب والقوة وكلها اعتاد عليها الشعب العراقي، والتفجيرات الدموية اصبحت دورية وتثير النفوس وتستنكر الاقلام وثلاثة ايام حداد ويعود كل شيء الى سابق عهده، ولكن تفجيرات الكرادة الاخيرة جاءت بشكل مختلف عن كل التفجيرات التي حدثت في العراق وتفاعل العالم معها واثار الصدمة على ذوي الشهداء والجرحى والشارع العراقي شديدة جدا مع هذا التفجير جاءت بانفعالية قوية جدا وهذا ليس من فراغ فهنالك جديد في هذا التفجير
لماذا تترك الكرادة هكذا ؟
واضاف الاسدي : اقول وحسب قراءتي لهذا الاجرام الدموي ان منطقة الكرادة تعرضت الى كثير من التفجيرات الا ان هذا التفجير مختلف والسؤال هنالك سياسيين يقطنون الكرادة فالمفروض ان يكون لديهم مسح امني لكل ما حولهم وليس مسح امني بحدود المقر العائد لهم فقط، فلماذا تترك الكرادة هكذا؟
ويتابع الاسدي : الامرالملفت للنظر هو الحريق الهائل الذي يعتبر هو اساس المصيبة فالذين استشهدوا حرقا اكثر بكثير من الذين استشهدوا بالتفجير والماساة الحقيقية هي عندما ينحصر المواطنون في الطوابق العليا لمكان الحريق ومن غير ان يغاثوا وينتظرون النار تلتهمهم هذه هي البشاعة بعينها ولكن من هو المسؤول عن هذا ؟ فهل الحريق جاء بفعل فاعل ام بسبب التفجير؟ وهل ان الاسواق خالية من شروط الامان والدفاع المدني ام ان هنالك امر اخر؟
واشار الاسدي بان التحليلات لهذا التفجير اخذت منعطفا سياسيا فالبعض يعتبره ردة فعل على انتصارات الفلوجة والاخر يقول بسبب التهيوء لتحرير الموصل وتغريدات تحدثت عن تفجيرات جدة بان الغاية منها امتصاص الانفعال العالمي بسبب تفجيرات الكرادة، وقال الاسدي بانه مهما يكن السبب حتى وان صحت بعضها او جميعها فهل هذا الاستنتاج لا ياتي الا بعد الحدث ؟ الم تكن هنالك مواقف استخباراتية استباقية للاحداث التي ستجري بعد ما حدث من انتصارات؟.
واخيرا اقول للجميع وللشارع العراقي مثلما اعتدنا على التفجيرات اعتدنا على التسويفات ومهما تكن الاجراءات الرادعة فالماساة لا يمكن لها ان تنسى وسيكتب التاريخ دوركم يا رجال السياسة في هذه الاحداث التي تعرض لها الشعب العراقي.
يا قارئ كتابي .. أبكي على شبابي
لا أحد يعلم حجم الوجع الذي يحتويه صدري، ولا احد يحس ارتعاش أنفاسي الغاضبة، وحده الله يعلم، ما في داخلي، فلا ملجأ الا ليه، حين تعصف بنا الاحزان والهموم، وهو القائل (الذين اذا إصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا الية راجعون) واي مصيبة تلك يا رباه، التي هزت القلوب قبل الدروب، في ذلك المساء حيث اكتظت الشوارع بسيارات الاسعاف، والاشلاء المبعثرة، والاجساد المحترقة، بركة دماء حمراء، ثمة حطام، بعض الجثث هي لاطفال مقطعين، يحترقون، وبجنبهم كيسا يحترق، صراخات تتعالى هناك فتاة تبحث عن خطيبها(حبيبة عدولي) اين هو؟.
فتاتي الاجابة بأن عدولي عند الله بعد ان زفته ملائكة السماء عريس الى جنات الشهداء، وشهيد اخر لم تكتمل فرحته بنجاحه وتخرجه، فكانت احتفالية التخرج في السماء، يا له من مشهد مرعب، لست ادري على من اكتب؟.
كيف يمكن ان اتكلم وانا ارى أب يتفحص في مكان المفخخات يتفحص الجثث المحترقة، وطفلة تموت من شدة الالم والحرق، والنار تصل الى أحشائها، بعد ان تمزق جسدها الصغير، تصرخ من شدة الوجع، لتموت سريعا محترقة، ما اقسى قلمي وهو يكتب لكم تلك الحادثة، مع اني في غصة من الحزن، بين تلك الفوضى والنار اللاهبة، هنالك صرخة أخ تخرسك من شدة الدمار ، وهو يبحث عن اخيه في ركام الانقاض، والاجساد الطاهرة وهو ينادي أخي.. أخي، لوكان لهذه الدمعات كلمات، لقالت لكم الكثير والكثير، لكن الصمت قد ساد المكان ، وخطفت آهات الروح وسرق انينها من ثناياها، فأصبح الفرح حزن، والعيد مأتم، شعب كان منتظر العيد فأصبح العيد شهيد، في العالم اجمع يحتفلون بالعيد بمراسيم وطقوس، الا الشعب العراقي فطريقته مختلفة تماما يستقبل شهر الخير بالتفجيرات والشهداء، ويودعه بالدموع والضحايا، بين مفقود وشهيد، بأية حال يستقبل العيد، وقد افترشت زهوره الثرى، عيد معرى من الفرح، رحل قبل ان يأتي، لا عيد في وطني، عجيب انت يا وطني، ما أرخص الدم، اكثر الاشياء بيعا في وطني، هو الكفن، ما اتعس الاطفال في عيدهم، ذهبوا الى الاسواق للتبضع بمناسبة تنزيلات العيد، فوجدوا ان التنزيلات الهائلة، ليست في الثياب، لا بل في دمائهم، عجيب، انت يا وطني البلدان تستقبل العيد بالجديد وانت تستقبله بالحديد.
بهذه الكلمات المؤلمة عبر الشيخ ابو نمر / شيخ عام عشيرة بني ركاب , والذي أضاف : اني احمل الحكومة والسفير السعودي السبهان الذي جاء الى العراق ومعه المفخخات والدمار الى الشعب العراقي الصابر المجاهد , وان هذا التفجير اكد ضرورة التعامل بقوة وحزم ، مع بعض الاصوات “الداعشية” الموجودة في جسد النظام الحالي ، والتي كانت ومازالت تنفخ بنار الفتنة الطائفية ، لاسيما على خلفية معركة الفلوجة ، فهذه الاصوات ، المعروفة للعراقيين ، كانت صدى للدول الاقليمية الراعية ل”داعش” في العراق ، والتي وظفت كل امكانياتها السياسية والمالية والاعلامية لضرب النظام السياسي العراقي ، فالسكوت على هذه الاصوات اصبح بعد اليوم خيانة كبرى بحق الشهداء الذين سقطوا في تفجيرات “داعش”.
تاثير الاعلام الخليجي
اما الشيخ عبد الكريم / فقال : تفجير الكرادة بين ان من الخطأ القاتل الوقوع تحت تاثير الاعلام الخليجي الطائفي ، او الاخذ بنظر الاعتبار السياسات الطائفية لبعض الانظمة العربية الرجعية من تطورات العراق ، فهذا الامر اثر سلبا على الاداء الامني للحكومة ، وتسبب بازهاق ارواح عشرات الالاف من العراقيين ، لذا على المسؤولين في العراق ان يضعوا مصلحة الشعب العراقي فوق كل اعتبار ، فتلك الدول لم ولن ترضى على الحكومة العراقية مهما فعلت.
خطوات حازمة
وشاركه الراي الشيخ غازي عبيد الركابي , والذي أكد على ضرورة ان تتخذ الحكومة خطوات حازمة وملموسة لوضع حد لاستمرار قتل العراقيين بهذه الصورة البشعة , وان تفجير الكرادة اظهر ان السيارات المفخخة لم تنزل على اهل بغداد من السماء ، بل يتم نقلها الى الاماكن المستهدفة عبر الشوارع والازقة التي تسلكها باقي السيارات في بغداد ، وتعبر كل الحواجز ونقاط التفتيش الموجودة في العاصمة ، الامر الذي يؤكد ان الاجهزة المخصصة لكشف المتفجرات غير صالحة لهذه الغاية ، ولابد من اعادة النظر في آلية كشف المتفجرات.
مدينة الاسواق الكبيرة
وتقول سحر احمد الساكنة في الكرادة منذ خمسة وعشرون عاما : الكرادة داخل هي منطقة التقاء الكثيرين من مختلف مناطق بغداد حيث الاسواق والكافتريات وربما اكثر المناطق ازدحاماً بالمواطنين من منطقة المنصور الجميلة.وفي الايام الاعتيادية تكون المنطقة المحصورة مابين ارخيتة وحسينية المباركة هي الاكثر ازدحاماً وأما في شهر رمضان فالازحام اشده بعد الفطور ويستمر الى ما بعد منتصف الليل.وهذا ما وقتّهُ الارهابيين وبدقة متناهية مستغلة انشغال عناصر الشرطة والجنود بالاكل والاتصالات بالموبايلات لا بل ترى بعضهم وضع سلاحه بجانبه متناسيا واجباته. واعتماد السيطرات على اجهزة فاشلة كلفت الدولة مئات الملايين من الدولارات والتي لم تكتشف اية سيارة مفخخة أو سيارة تحمل عبوات ناسفة لتمريرها من خلال تلك السيطرات.
لم يعد لنا عيد !!
وعبر الشيخ باسم عن شعوره بهذا المنظر المهيب فقال : عيد بأي حال عدت يا عيد على شبابنا في الكرادة الجريحة
على صوت التفجيرات وأزيز الرصاص وبكاء الأطفال وندب الأرامل ونوح الثكالى تستقبل بغداد عيد الفطر
وراحت تستقبل عيدًا ليس كأي عيد على وجه الأرض بعد رمضان مميز كانت مواعيد إفطاره وسحوره دوي التفجيرات وأنين الرصاص لتعكر بدورها أجواء حميمية زرعت في وجدان شعب بسيط على مدار مئات السنين ..
عقود من سنين مرت على العراق وفيها الحزن يتلاطم كالامواج محطما حصون الحياة ومستبيح الفرح فكتب علينا كما يصف الشاعركريم العراقي ان نلبس الخوذة منذ فجر الارض مقاتلين وقدرنا ان تجيئنا الحروب مجنونة تخطف احبائنا وتدمر مدننا وتهجر ناسنا وما ان تتركنا حتى تعاودنا بوصف وسيناريو آخر حتى عدنا لانعرف حياة بدون حروب!
تغيرت ملامح الحياة
وبالم بالغ يصف حسن الركابي منظر الشهداء والدمار في مكان التفجير الاجرامي فيقول : تغيرت ملامح الحياة وبلون ساد فيه السواد على بقية الالوان وتفككت الاسر وتزايدت اعداد الايتام والارامل واصبحت لنا حياة بخصوصية عراقية كل مافيها عبارة عن بقايا حياة مفعم برائحة الحزن فلا عطر للعيد سوى اننا نحج الى المقابر مع اطلالته لنذرف الدموع ونفرغ هما وحزنا تراكم في نفوسنا فنحن نحاكي الموتى اكثر من الاحياء و ندرك انهم اقرب لنا ونتوسل اللقاء بهم عاجلا ام آجلا فنحن جالسين على حزام ماكنة الحروب ننتظر ساعة الاقتناص بنيران عدو او نيران صديقة فلم نعد نفرق بينهما فأزيز الرصاص يملأ الاجواء نتعاطى مع الحياة بلغة الرصاص ونتعاطى مع القتل بلغة الارقام لاتثيرنا الا الكبيرة منها وهي التي سادت نفوسنا ولم تعد تأبه بالحياة واصبح الحديث عن الفرح هذيان نحاول ان نصطنعه في الاعياد فلم يعد لنا عيد لاننا نخشى الفرح والضحك كي لايداهمنا الحزن هذا ما تعلمناه من موروث الثكالى فالمصائب تقف خلف الابواب وكان طرق الباب نذير نخشاه واليوم رنة الهاتف تستفزنا بأخبار تقبض قلوبنا فعذرا ايها العيد لقد استعبدنا الحزن ولم نعد نتذوق الفرح في ايامك فقد غادرت نفوسنا قبل تغادرنا ..
شظايا الحقد الاسود
سالم ايليا احد الاخوة المسيحيين تحدث هو الاخر عن هذه الفاجعة فقال : أتى العيد وما هو بآتٍ كعادته بالفرحة والتسامح والمصالحة وحيثُ إفتقدناه بهويته المسالمة منذ زمن مضى ، فلقد إستقبلناه بملابس الحداد السوداء بدل الألوان الزاهية التي كانت تزهو على أجساد الأطفال حيثُ مزقتها شظايا الحقد الأسود من حيثُ لا نعلم أصابعه الخفية !! ، نعم جاء العيد الذي إستبدلنا فيه التهاني والأبتسامات بالتعازي والدموع والبكاء ومسلسل الحقد الأعمى مستمر دون توقف فنار الطائفية المستعرة تجد من يزيد سعيرها وجنونها فلا يوجد عاقل واحد بيننا ليقول كفى لنجلس ونتباحث ونضع مصلحة أبنائنا فوق كل خلاف فالنار لا تعرف (العدو) من (الصديق) تحرق الجميع دون إستثناء فلقد عجزنا نحن الكتّاب وكل أبناء الوطن الشرفاء عن المناشدة بوقف العنف من أجل العراق فالعراق لم يعد له وجود في ضمائر وقلوب تجّار السياسة والسائرون في دهاليزها .