تحت شعار (نحو مسرح عربي جديد ومتجدد) وبمشاركة واسعة ومتنوعة لمبدعي المسرح العراقي والعربي… انطلاق فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي في القاهرة

تحت شعار (نحو مسرح عربي جديد ومتجدد) وبمشاركة واسعة ومتنوعة لمبدعي المسرح العراقي والعربي… انطلاق فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي في القاهرة
أمين عام الهيئة العربية للمسرح: ندشن فعاليات تقدح زينات العقل فى سبع ليال يواصل فيها المسرحيون العرب تقديم إبداعهم ويبنوا مسرح الجمال
وزيرة الثقافة المصرية : ما أحوجنا في هذه الفترة الدقيقة إلى أن نرسخ قيمة الفن في طليعة أولوياتنا لمواجهة ما يحيط بوطننا من تحديات
سيد أحمد أقومي: المسرح هو فن الوهم الذي يؤازر الحقيقة ويقف في وجه الأكاذيب. جئت إلى المسرح حين أدركت أن الخيال يستطيع أن يغير الواقع
مشاركة عراقية فاعلة لمبدعي المسرح العراقي في أريعة عروض عراقية وعربية ولجان التحكيم والجلسات النقدية وثلاثة اصدرات توثيقية مهمة للدكتور علي الربيعي
بحضور نقيب الفنانين العراقيين مقاجأة سارة لدعم المسرح العراقي تعلن عنها الهيئة العربية للمسرح في المؤتمر الصحفي غدا الثلاثاء
القاهرة – عبد العليم البناء
على وقع الخطاب الجمالي للمسرح وتجليات القوة الناعمة التي يجترحها صناع ورعاة المسرح وتحت شعار (نحو مسرح عربي جديد ومتجدد) وبعد أكثر من عقد على انطلاقته الأولى في القاهرة وعواصم ومدن المنطقة العربية عاد مهرجان المسرح العربي في دورته الحادية عشرة إلى العاصمة المصرية القاهرة .وأقيم حفل افتتاح المهرجان، الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح سنويا في المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية مساء الخميس الماضي بحضور الأمين العام للهيئة إسماعيل عبد الله ووزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم وعدد كبير من المسرحيين العرب بمشاركة 7 دول عربية هي مصر، الامارات، الاردن، تونس، المغرب، العراق والكويت ويشارك فيه 650 فنانًا وكاتبًا وناقدًا و27 عرضًا مسرحيًا وعشرات الندوات والملتقيات الفكرية والورش في أكبر تظاهرة مسرحية عربية كما تتنافس عروض مسرحية علي جائزة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي وقيمتها 100 ألف درهم إماراتي.وبدأ حفل الافتتاح الذي اخرجه الفنان خالد جلال واقيم بالمسرح الكبير بدار الاوبرا المصرية بفيلم تسجيلي تضمن مشاهد من روائع المسرحيات المصرية في الوقت الذي تزينت جنبات المسرح الكبير بصور كبيرة لرموز المسرح المصري والعربي وبينهم نخبة من رواد المسرح العراقي ومن ثم تقديم عرض مباشر على المسرح لأوبريت (الوطن الأكبر) أو (وطني حبيبي) الذي ألفه أحمد شفيق كامل ولحنه موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب.

وقال الكاتب المسرحي الإماراتي إسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح ومدير مهرجان المسرح العربي في فعاليات دورته الـ 11 في كلمته الجميلة والمعبرة المتسمة بشاعريتها التي ميزت كل خطاباته التي اعتاد على القائها بحيوية متدفقة في كل دورات المهرجان : “إن المهرجان جاء بثوب مختلف هذا العام ليرتفع شراعه على نهر النيل العظيم.وأضاف عبد الله :” ندشن الدورة الـ ١١ من فعاليات المهرجان بعد أن منحت القاهرة شهادة ميلاد المهرجان عام 2009، واليوم يعود المهرجان بثوب مختلف ليرتوي من نيل القاهرة العظيم ويرتفع شراعه فلم يكن (بتاح) إله الفن فى مصر الفرعونية قد جاء من فراغ، فمصر أهدت للعالم مختلف أنواع الفنون”.وتابع: “وفي اليوم العربي للمسرح ندشن فعاليات تقدح زينات العقل فى سبع ليال يواصل فيها المسرحيون العرب تقديم إبداعهم ويبنوا مسرح الجمال ، وهناك رواد المسرح المصري والعربي، منهم زكي طليمات وجورج أبيض ونجيب الريحانى تركوا لمسات لن ننساها ، ولتصل قوافل المسرحيين العرب إلى أرض الكنانة برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح وعضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة”.وعبر أمين الهيئة العربية للمسرح عن اعتزازه وشكره وتقديره لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرعايته لهذه الدورة من المهرجان الأمر الذي يبشر بوعي القيادة المصرية بأهمية دور الفنون فى إنارة العقول ومواجهة الفكر الظلامي، والشكر أيضا موصول لوزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم.وقال “إنني أشعر بأن روح الإله إيزيز نزلت لتبحث عن روح أوزريس، ونعلن أن الحياة تبدأ هنا بالمسرح الذى يعد عشبة الحياة”.

وقالت وزيرة الثقافة في كلمة الافتتاح “مع هذه الدورة تصدح دقات المسرح لتعلن احتفاء مصر بالفن العربي في شتى مجالاته، لأنه كان وسيظل همزة وصل لا تنقطع وجسرا تعبر عليه مواكب الإبداع والتنوير”.وأضافت “ما أحوجنا في هذه الفترة الدقيقة إلى أن نرسخ قيمة الفن في طليعة أولوياتنا لمواجهة ما يحيط بوطننا من تحديات، وكلي أمل في أن تكون هذه الدورة خير معبر عن تطلعات وآمال وطننا العربي”.
كما شمل برنامج الافتتاح رسالة اليوم العربي للمسرح التي ألقاها هذا العام الممثل الجزائري سيد أحمد أقومي.وقال أقومي “المسرح هو فن الوهم الذي يؤازر الحقيقة ويقف في وجه الأكاذيب. جئت إلى المسرح حين أدركت أن الخيال يستطيع أن يغير الواقع، حين كان التاريخ يحمل دجلا. أردت أن أعتلي الخشبة لأقول الحقيقة. لم يكن المسرح بالنسبة لي قناعة فكرية فقط، بل كان إيمانا يلامس الروح”.وأضاف “المسرح عندي درب سري مدهش قادني إلى ماهيتي، إلى كينونتي الحقيقية، لم أكن أمثل، كلا أبدا، كنت أعيش، أعيش أسئلتي عزلتي، حيرتي، دهشتي، تمردي، ثورتي، عذاباتي، فرحي، إنسانيتي، كنت أنهمر على الخشبة بكل كياني وكان المسرح هو الخلاص”.
كما تضمن حفل الافتتاح تكريم 25 من كبار المسرحيين المصريين منهم :الممثلة سميحة أيوب والمخرج جلال الشرقاوي والكاتب يسري الجندي والفنان عزت العلايلي ومصممة الأزياء نعيمة عجمي والناقد كمال عيد والممثل يحيى الفخراني وأستاذة الإلقاء نجاة علي والفنانة سهير المرشدي والفنان محمود ياسين الذي استلمت التكريم نيابة عنه زوجته الفنانة شهيرة وغيرهم .ويمتد برنامج المهرجان لستة أيام تتضمن 27 عرضا مسرحيا تتنافس منها ثمانية عروض على جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض عربي متكامل لعام 2018من مصر والإمارات والكويت والمغرب وتونس والأردن حيث توالت العروض في القاهرة على خشبات مسارح السلام والبالون والهناجر والمسرح القومي إضافة إلى محافظات الإسكندرية والجيزة والإسماعيلية والفيوم.كما شهد برنامج المهرجان مؤتمرات صحفية لجميع العروض المشاركة وندوات نقدية خصصت للعروض المتنافسة على جائزة الشيخ سلطان.وتشكلت لجنة تحكيم الجائزة برئاسة الجزائري عمر فطموش وعضوية المخرج والاكاديمي العراقي جبار خماط والسوداني عثمان البدوي واللبنانية علية الخالدي والسعودي فهد الحارثي.
مشاركة عراقية فاعلة
وتضمنت المشاركة العراقية عرض مسرحية (تقاسيم على الحياة) للمخرج الكبير الدكتور جواد الأسدي وانتاج منتدى المسرح في دائرة السينما والمسرح والتي عدت العمل الاكثر نجاحاً خلال عام ٢٠١٨ بعد أن عرضت على خشبة منتدى المسرح ولاقت إقبالا وحضوراً جماهيريا لافتاً، وتتحدث عن إشكالية الفرد والسلطة ، والمأخوذة عن قصة (العنبر رقم 6) للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف، ويجسد ادوارها الفنانون: مناضل داود، اياد الطائي ،حيدر جمعة ،أمير اسماعيل ومجموعة من شباب المسرح العراقي.وقد نالت المسرحية، التي قدمت باللغة العربية الفصحى وباسماء ومكان من بيئة المؤلف الروسية، الاهتمام الكثير من جمهور المهرجان الذين كانت تمتليء بهم قاعة العرض كونها كانت تنطق بحقائق الواقع الاجتماعي العراقي الذي يعاني من الكثير من السلبيات والتقلبات والمآسي، كما نالت وجهات النظر الايجابية التي ربما هي الاولى التي تتفق فيها الاطراف المختلفة من الفنانين والنقاد والاكاديميين والجمهور على روعتها كونها تحاكي الواقع العراقي الى حد كبير حيث شهدت قاعة المركز الصحفي ندوة تعريفية بالمسلرحية حضره المخرج جواد الاسدي ومدير المسارح في دائرة السينما والمسرح الفنان فلاح ابراهيم والدكتور صميم حسب الله وأدارها الاعلامي يسري بحضور نخبة من النقاد والاعلاميين تم فيها تسليط الضوء على هذه المسرحية ومسارات تجربة جواد الاسدي باعباره احد الفاعلين المسرحيين عراقيا وعربيا وقدمت مداخلات متعددة كان في مقدمتها مداخلة الدكتور عقيل مهدي وجميعها صبت في اطار الثناء والتقدير للابداع الذي قدمه فريق المسرحية تمثيلا وتأليفا واعدادا واخراجا وتقنيات .وسبق للمسرحية أن حظيت بجائزة السينوغرافيا في مهرجان أيام قرطاج المسرحية التي أقيمت في تونس الشهر الماضي لما اكتنفته من ديكور ذي وحشة ونفور، جدران حديدية عالية ببوابتين وثلاثة شبابيك وإضاءة عمودية قاسية مما يضفي على القاعة مشاعر تراوح بين الألم والانكسار والخوف والتوجس والحذر من الذات ومن الاخر وانتظار الأمل الذي لا يأتي.
كما تشارك دولة الامارات بمسرحية (المجنون ) إعداد المعلم الراحل الكبير قاسم محمد بإخراج محمد العامري والكاتب المسرحي العراقي عبد الامير شمخي بعملين إذ عرضت له الكويت مسرحيته (الرحمة) بإخراج فيصل العبيد والاردن مسرحيته (نساء بلا ملامح) بإخراج إياد الشنطاوي في حين عرضت الاردن للكاتب مجد حميد مسرحيته (النافذة) بإخراج مجد القصص.وسينافس معظمها على جائزة الشيخ القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي لعام 2018.
وامتدت المشاركة الى حضور نخبة من الفنانين والاكاديميين والاعلاميين الذين كان لهم الدور الفاعل والمؤثر كما في الدورات السابقة في مختلف الفعاليات التي شهدها المهرجان بينهم: الدكتور جبار خماط الذي أختير عضوا في لجنة تحكيم جائزة الشيخ سلطان القاسمي لافضل عمل مسرحي عربي لعام 2018 فضلا عن الدكتور عقيل مهدي الذي اختير عضوا في لجنة تحكيم البحوث المسرحية للباحثين الشباب إضافة الى مشاركة المخرج الكبير الدكتور صلاح القصب والدكتور حسين علي هارف الذي اختير لعضوية لجنة تحكيم مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال واليافعين من سن 6 إلى 18 مخصصة للكتاب الشباب حتى سن الخامسة و الثلاثين -النسخة الحادية عشرة 2018 والفنان فاضل عباس والفنان فاضل الجاف والاعلامي طه رشيد والاعلامي عبد العليم البناء .
وشارك أيضا الدكتور علي الربيعي الذي اصدرت له الهيئة العربية ثلاثة من الاصدرات المهمة التي وثقت مرحلة مهمة من بدايات الحياة المسرحية في العراق عبر حضور وعروض فرق مسرحية مصرية الى العراق اوئل القرن الماضي والكتاب الأول (الفرق المسرحية المصرية في العراق – فرقة جورج ابيض) ويؤرخ لزيارة فرقة جورج ابيض إلى العراق والتي استمرت بين شهر تشرين الثاني ١٩٢٦ وشهر شباط ١٩٢٧. وقد لاحق عروض الفرقة في بغداد والبصرة مع استعراض ما كتبه النقاد عن العروض المسرحية التي قدمت. كما تم الحديث عن التكريم الذي أقيم لجورج ابيض.والثاني بعنوان (الفرق المسرحية المصرية في العراق – فرقة فاطمة رشدي) ويتحدث عن زيارات الفرقة الثلاثة إلى العراق والتي تمت في السنوات ١٩٢٩ و ١٩٣٠ و ١٩٣٦. وقد لاحق الكتاب عروض الفرقة في بغداد والموصل والبصرة والناصرية والعمارة وما كتبته الصحافة عن العروض من عرض ونقد مسرحي فضلاً عن استعراض التكريم الذي حظيت به فاطمة رشدي من قبل ملك العراق فيصل الأول.والثالث (الفرق المسرحية اىمصرية في العراق – فرقة يوسف وهبي) ولاحق الكتاب الزيارات الثلاثة التي قامت بها الفرقة إلى العراق في السنوات ١٩٣٢ و ١٩٣٦ و ١٩٥٤، وتم استعراض العروض التي قدمت في بغداد والموصل والبصرة وما كتب عن الفرقة من نقد مسرحي وتكريمات ليوسف وهبي في العراق. وما يميز الكتب الثلاثة انها اعتمدت في معلوماتها على الصحف التي صدرت في وقتها كما اعتمدت على الوثائق غير المنشورةوضمت الكتب صورا ووثائق لم تنشر من قبل..
حراك فاعل لنقيب الفناني العراقيين

وتمخضت مشاركة الدكتور جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين في هذه الدورة عن حراك فاعل سعى من خلاله الى توفير كل السبل لدعم المسرح العراقي والعمل على توطيد دعائم العلاقات المتينة مع الهيئة العربية للمسرح والجهات المهنية المشاركة في المهرجان الامر الذي سيفضي الى عقد اتفاقات مهمة سواء مع الهيئة ام مع الجهات العربية الاخرى والتي أثمرت عن خطوة مهمة ربما ستشكل ستكون (مفاجأة سارة وسعيدة) لصالح المسرح العراقي والتي سيعلن عنها في المؤتمر الصحفي الذي تعقده الهيئة العربية للمسرح يوم غد الثلاثاء (15/1/2019) في المركز الصحفي للمهرجان في فندق كراند نايل تاور بالعاصمة المصرية القاهرة .
الجدير بالذكر أن هذه الدورة التي يتابع و يشرف على أدق تفاصيلها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويرعاها رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي، هى موعد للمسرحيين العرب ليقولوا كلمتهم في غدهم وغد أمتهم، و يرددوا مقولة سلطان الثقافة في رسالته باليوم العربي للمسرح عام 2014:”لنجعل المسرح مدرسة للأخلاق و الحرية”.(انتهى)