بخيل المعلومة.. مرض مجتمع لا نعترف به

بخيل المعلومة.. مرض مجتمع لا نعترف به
بخيل المعلومة.. مرض مجتمع لا نعترف به
كتبت: د.دعاء يوسف
في مجتمعاتنا، لا أحد يعترف بأنه بخيل معلومة. الجميع يتحدث عن الكرم والمساعدة، لكن حين تصل الأمور إلى المعلومة، تتغير القصة. فجأة تصبح المعلومة “ثمرة تعب”، و”خبرة سنين”، و”حق شخصي”، حتى لو كان هذا الامتناع يضرّ غيرك، أو يعطّل حياة إنسان. في المجال الطبي، نرى الطبيب يكتب وصفة دواء معقّدة، يخط فيها أدويةً وأرقامًا، دون أن يكلّف نفسه بشرح الآلية أو ماذا سيفعل الدواء بجسم المريض، أو لماذا اختار هذا الدواء دون غيره. المعلومة عنده حكر، وفضّها عن لسانه يحتاج استشارة بأجر أو جلسة مطوّلة. رغم أن المعلومة في كثير من الأحيان قد تساهم في شفاء نصف المريض بمجرد فهمه لمرضه.

وفي الساحة القانونية، يحدث الأسوأ. تجد المحامي يختصر مشورة قد تغيّر مصير إنسان بجملة: “هذه استشارة قانونية ولها أجرها”. فتغدو المعلومة سلعة، بينما الأصل أن القانون وحقوق الناس ليست ملكًا شخصيًا. بخل المعلومة، هو الوجه الآخر لغياب الثقة، وعدم الرغبة في بناء مجتمع يعرف ويفهم ويتعلم. ولأن كل واحد يخشى أن ينافسه غيره في المعلومة، يحتفظ بها وكأنها سر الخلود. في دول تُقدّر المعرفة، تُتاح المعلومة الطبية والقانونية مجانًا، تُشرح، وتُبسط، لأنهم يعلمون أن المعلومة تصنع مجتمعًا أقوى، وإنسانًا أذكى. أما هنا،
فالمعلومة مكبلة، حبيسة الأهواء، مسجونة خلف مكاتب أو عيادات. ربما آن الأوان أن نسأل أنفسنا: هل أنا بخيل معلومة؟ وإن كنت، فكم حياة عطّلت، وكم عقل أغفلت، وكم إنسان أضررت؟ فالمعلومة التي لا تُمنح تموت، وإن ماتت، مات المجتمع معها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة