التعايش السلمي والسلام المقدس

التعايش السلمي والسلام المقدس
التعايش السلمي والسلام المقدس
كتب: سردار سنجاري
هناك حقائق إنسانية ثابتة ينبغي الاستناد إليها في عملية تطوير العلاقات الاجتماعية والانسانية وتجاوز كلّ المحن والاحقاد والضغائن التي تحدث بين بني الانسان من جراء تباين وجهات نظرهم أو تناقض مصالحهم أو اختلاف قومياتهم او افكارهم الأيديولوجية أو ما أشبه وهي ان الاختلاف بين البشر من النواميس الكونية والاجتمــاعية التي لا يمكـــن نفيهـــا أو التغـــاضي عنها. ان الاختلاف الانساني ليس مدعاة للتنابذ والنزاعات والحروب والصراعات المفتوحة وإنما هو مدعاة للتفاعل الايجابي والبناء والتعاون وذلك لان هذا الاختلاف ليس اختلاف أفضلية قومية أو عرقية أو قبلية أو اثنية أو ما أشبه بل هو اختلاف غائي جعله الله تعالى غايته ان يكون سبباً للتبادل والتداخل والتشارك والتعايش والتعارف وللجدل الذي يقوم عليه نظام الحياة . ان الله تعالى وفر لجميع خلقه كل الامكانات والقدرات والتباين يبدأ ويتضح من جراء حجم الاستفادة من هذه القدرات بين البشر فالاختلاف بين البشر لا يؤسس لأي عملية تفاضلية استنادا على عرق أو لون أو ما اشبه وإنما يقود للتداول والتبادل والتعاون والتعارف حتى يستطيع البشر الاستفادة من بعضهم البعض على مختلف المستويات والمجالات. ولكي تتم هذه الاستفادة على أكمل وجه من الضروري التعامل مع الآخرين مهما كانت أصولهم أو ألوانهم أو قناعتهم على قاعدة المساواة والاشتراك في الآدمية والانسانية فلا نمارس عملية الاقصاء والتهميش والنبذ ولا نتنصل من موجبات المشترك الانساني. وعليه فان الاختلاف الذي هو لازمة من لوازم الانسان وسنة كونية واجتماعية ليس مدعاة للشقاق والنزاع والاحتراب وإنما هو يؤسس للتعايش والتعاون ولقد أوجدت الشرائع السماوية جملة من المبادئ التي تؤسس لحالة التعايش الاجتماعي والانساني وأهم مبادىء التعايش الآتي: التعارف وكسر حواجز الجهل المتبادل وتعميق عوامل الوئام الاجتماعي ولعلنا لا نبالغ حين القول بأن الحوار بين البشر هو الوسيلة المثلى للتعارف وإضاءة النقاط المظلمة في العلاقات بين البشر.

ان المجتمعات الإنسانية القائمة علي التعدد تواجه مشاكل الاختلاف الديني والتنوع الثقافي والتباين القيمي بسبب تباين الخلفيات المؤسسة لهذا التعدد وهي مشاكل يمكن التعامل معها بوعي يحول التناقض إلي تكامل والتصادم إلي تعايش والتعصب إلي تسامح. ويمكن التعامل معها بانفعال يزيد النار اشتعالا .
التعايش المشترك هدف يتطلع إليه كل العقلاء في المجتمع المتعدد الديانات والثقافات والاثنيات ولن يتحقق ذلك إلا بوعي المجتمع بكل مكوناته بأهمية التسامح في العلاقات بين الناس والتعايش السلمي يحتاج إلى شروط خاصة لكي يكون صفة غالبة في العلاقات البينية الاجتماعية فالعنف والغضب والسيطرة والتصادم ومثيلاتها نزعات سهلة الحضور في علاقات الناس ولا تحتاج إلا للمثيرات كالاستفزاز والإساءة والتحـدي وغير ذلك من عوامل الانفعال.
ان الأزمات بين الشعوب تعود الى عدم معرفة تلك الشعوب ببعضها الاخر لذا تفاقمت الأزمات ونشبت الحروب وراح ضحيت هذا التجاهل ملايين البشر من كل الاوطان والاجناس والأديان عبر التاريخ..
وانطلاقا من ايماننا بمبادئ السلام وحقوق الانسان والتعايش السلمي التي هي أسمى المبادئ التي دعت اليها كل الشرائع السماوية والقوانين والدساتير المدنية في مختلف أنحاء العالم، فقد تم تبنت شبكة الاخاء للسلام وحقوق الانسان فكرة السلام و التعايش السلمي بين الشعوب واعتماد الحلول السلمية في النزاعات السياسية وتقارب وجهات النظر بين الشعوب والمكونات والأديان باختلاف انتمائاتهم القومية والدينية او المذهبية حيث تعتبر الانسانية هي المظلة التي تتفاهم تحت سقفها كل الاطراف وتكون الأساس الاقوى في اي حوار بين اي طرفين متنازعين. وكذلك تهدف الشبكة الى إيجاد السبل الحقيقة للعيش الكريم وذلك من خلال تنمية الفكر الإنساني الذي يعتمد مبدا الحرية كمبدأ مقدس يتمتع به الفرد باختلاف ثقافته و انتمائه و لونه او دينه. وعليه ومن منطلق الإيمان باختيار الفرد نمط حياته التي تتناسب مع تطلعاته واهدافه وتحترم خصوصية الآخرين فان عملية تأهيل قدراته وإنماء فكره وإغناء معلوماته هي احدى الاهداف التي تعمل شبكة الاخاء للسلام وحقوق الانسان عليها وذلك من خلال برامج تأهيلية مدروسة تمكن الفرد في المجتمع في المساهمة الحقيقة لبناء المجتمع بعيدا عن الصراعات الحزبية والسياسية التي تشهدها الساحة الشرق اوسطية الْيَوْمَ والتي أضعفت قدرة الفرد في الإنجاز والابداع.
التسامح هو احد اهم الشروط التي من خلالها ننطلق الى البدء في التحاور مع الطرف الاخر الذي يربطنا وإياه علاقات متينة وتاريخية ولكنها مرت بأزمات خارجة عن إرادة الشعوب وسببت التفرقة والحروب . اننا في شبكة الاخاء مستعدون ان نتبنى فكرة التقارب بين الشعوب والأديان ولدينا المؤهلات والامكانيات الفكرية والشعور بالمسؤولية باتجاه الانسانية التي باتت في خطر وقادرون بالتعاون مع الخييرين من المنظمات والهيئات الحكومية المحلية والدولية ورجال الدين المعتدلين من كل الأديان والطوائف ان نتحمّل هذه المسؤولية التاريخية وان نقاوم الحروب وما تنتج عنه من أزمات إنسانية اجتماعية اقتصادية ونفسية وغيرها بالسلام الذي يوفر العدالة والسلام وضمان حياة افضل للجميع .
الثقافة هي احدى اهم العوامل التي من خلالها يمكننا تجاوز العديد من الزمان فالأدباء والشعراء الذين سجل التاريخ أسمائهم منذ عصور ما قبل الجاهلية الا يومنا هذا دليل على دور النخبة الأدبية في حلحلة الأزمات وبناء مجتمع سليم . عليه كان من اهم ما بدانا التفكير فيه كمنظمة مجتمع مدني هو الاهتمام بهذه الشريحة وبالفعل فقد تواصلنا مع العديد من الأدباء والشعراء والإعلاميين والمفكرين من مختلف الأقطار العربية للعمل معا من اجل غد افضل ومستقبل مشرق للأجيال القادمة .